تاريخ تفسير القرآن الكريم
مقدمة:
تفسير القرآن الكريم
هو علم يهدف إلى بيان معاني آيات القرآن الكريم، وكشف دلالاتها وفقًا لقواعد اللغة
العربية، والأدلة الشرعية من الكتاب والسنة، وأقوال الصحابة والتابعين. وقد مرّ
علم التفسير بمراحل تطور عديدة عبر العصور، حيث بدأ شفهيًا في عصر النبي صلى الله
عليه وسلم، ثم تطور ليصبح أحد أهم العلوم الإسلامية المدونة التي ساهم فيها كبار
العلماء.
المرحلة الأولى: عصر النبي والصحابة (النشأة والتأسيس)
- كان
النبي محمد صلى الله عليه وسلم هو أول من فسر القرآن، حيث كان يبين للصحابة
معاني الآيات التي تحتاج إلى تفسير.
- وردت تفسيرات النبي في العديد من الأحاديث النبوية، مثل تفسيره للظلم في قوله تعالى: "الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم" [الأنعام: 82] بأنه الشرك.
- بعد
وفاة النبي، تولى الصحابة مهمة التفسير، حيث اعتمدوا على فهمهم للغة العربية،
وسياق النزول، وما تعلموه من النبي.
- من
أشهر المفسرين من الصحابة:
- عبد الله بن عباس: كان
يُلقب بـ"ترجمان القرآن"، إذ كان لديه معرفة واسعة بمعاني القرآن.
- عبد الله بن مسعود: كان خبيرًا بأسلوب القرآن ومعانيه.
- أبيّ بن كعب: عُرف
بتفسيره الدقيق للقرآن، خاصة في ما يتعلق بأسباب النزول.
المرحلة الثانية: عصر التابعين (القرن الأول والثاني الهجري)
- انتقل
علم التفسير إلى التابعين الذين تتلمذوا على يد الصحابة.
- ظهرت
في هذه المرحلة مدارس التفسير، وأشهرها:
- مدرسة مكة: أسسها
عبد الله بن عباس، وكان من تلاميذه سعيد بن جبير وعكرمة.
- مدرسة المدينة: تأثرت
بأبيّ بن كعب، وكان من تلاميذها زيد بن أسلم.
- مدرسة العراق: تأثرت
بعبد الله بن مسعود، وكان من تلاميذها علقمة بن قيس.
- كان
التفسير يعتمد على النقل عن الصحابة، مع بعض الاجتهادات المبنية على قواعد
اللغة العربية.
المرحلة الثالثة: عصر التدوين (القرن الثاني والثالث الهجري)
- بدأ
العلماء في جمع الروايات التفسيرية وتدوينها، حيث تم إدراج التفسير في كتب
الحديث، مثل "الموطأ" للإمام مالك، و"المسند" للإمام
أحمد.
- ظهرت
كتب متخصصة في التفسير، مثل تفسير سفيان الثوري وعبد الرزاق
الصنعاني.
- من
أهم ما يميز هذه المرحلة ظهور تفسير الإمام الطبري (جامع البيان في
تأويل القرآن)، والذي جمع الروايات التفسيرية مع التحليل اللغوي والفقهي.
المرحلة الرابعة: عصر التطور والتوسع (القرن الرابع وما بعده)
- ظهرت
مناهج تفسيرية مختلفة، ومن أبرزها:
- التفسير بالمأثور: يعتمد
على نقل أقوال الصحابة والتابعين، مثل تفسير ابن كثير.
- التفسير بالرأي والاجتهاد: يعتمد على التحليل اللغوي والعقلي، مثل
تفسير الرازي في "مفاتيح الغيب".
- التفسير الفقهي: يستنبط
الأحكام الفقهية من الآيات، مثل "أحكام القرآن" للقرطبي.
- التفسير الإشاري: يعتمد
على التأويل الروحي والصوفي، مثل تفسير "الكشاف" للزمخشري.
- في
هذه الفترة، ظهرت موسوعات تفسيرية ضخمة، مثل "التحرير والتنوير"
لابن عاشور، و"البحر المحيط" لأبي حيان.
المرحلة الخامسة: العصر الحديث والمعاصر
- مع
تطور العلوم، ظهر التفسير العلمي الذي يحاول ربط القرآن بالعلوم الحديثة، مثل
"الإعجاز العلمي في القرآن".
- ظهرت
تفاسير تهتم بالجوانب الاجتماعية والتربوية، مثل تفسير "في ظلال
القرآن" لسيد قطب.
- انتشرت
التفاسير الموضوعية التي تبحث موضوعًا معينًا في القرآن، مثل تفسير آيات
الأخلاق أو الإيمان.
خاتمة:
مرّ تفسير القرآن الكريم بمراحل عديدة عبر التاريخ، حيث بدأ شفهيًا ثم دُوّن في الكتب، ثم تطور ليشمل مناهج متعددة تناسب احتياجات المسلمين في كل عصر. واليوم، لا يزال علم التفسير مجالًا مفتوحًا للبحث والاجتهاد، بشرط الالتزام بالضوابط الشرعية واللغوية لفهم كلام الله تعالى بشكل صحيح.
في الأخير لا تنسوا ترك تعليق مفيد أو أي استفسار على موقعنا محور العلوم الكونية و اللدنية
اجمل تاريخ وهو كتاب الله سبحانه ✌️
ردحذف